Wednesday, 26 October 2011

عيش فيتو

إلى الأن أحاول جاهدا أن أفهم معنى إقرار مبدأ إستخدام الفيتو فى مجلس الأمن بالأمم المتحده من قبل دول تدعى رعاية الديموقراطيه و تنصب أنفسها أوصياء على العالم فى ذات الوقت. إنه نفس مبدأ التفكير المزدوج الذى تحدث عنه جورج أورويل فى "1984".

إن إستخدام الفيتو فى حد ذاته ضد مبدأ الديموقراطيه ! هذه ديموقراطية: فلتقولوا أرائكم ولكن الأشخاص المهمون هم من سيقررون ماذا سنفعل ! .. الديموقراطيه كما أعرفها هى أن يصوت الدول ال 192 على كل شىء و يكون صوت أمريكا كصوت زامبيا! .. فكرة أن خمس دول فقط لها حق الوصايه و تقرير مصير الشعوب تبدو لى منتهى عدم الديموقراطيه.

الإعتراف الدولى بفلسطين كدوله يعنى قضايا ضد إسرائيل فى محكمة العدل الدوليه و يعنى تحقيقات فى إنتهاكاتها للدوله الفلسطينيه المجاوره لها على الخريطه و هو صداع مؤلم و مزمن لا تريده إسرائيل بالطبع. لاحظ أن قرار التقسيم رقم 181 (نوفمبر 1947) يقضي بتقسيم الأراضي الفلسطينية إلى دولتين عربية ويهودية بشرط انقضاء شهرين كاملين على موعد انسحاب بريطانيا من فلسطين ، أي أنه لو اعتبرنا هذه القرار هو المرجعية القانونية والدولية فهذا كان يعني الإعلان عن الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية معاً أي في يوليو 1948. المهزله أنه و كما هو موثق تاريخيا أعلنت المنظمات اليهوديه قيام دولة إسرائيل بشكل أحادى الجانب أيضا و خلال إنعقاد جلسة مجلس الأمن و قبل التصويت بشكل نهائى! .. منتهى البلطجه!

تاريخيا إستخدمت الولايات المتحده الأمريكيه الفيتو 36 مره لصالح إسرائيل ضد العرب. طبعا قبل جلسة يوم الإثنين التى سينظر فيها طلب فلسطين للحصول على لقب دوله , فإننا نعرف مسبقا ما سيحدث من إستخدام أمريكا لحق الفيتو فى اللحظه الأخيره –على طريقة السينما الأمريكيه- لوقف التصويت و لتستمر المهزله التاريخيه بإسم الديموقراطيه.

هل الحريه و الديموقراطيه و المساواه هى حبر على ورق و أفكار مثاليه غير موجوده على أرض الواقع؟ -إذا كانت هذه هى

ممارسات رعاة الديموقراطيه فالأمر يدعو للتأمل.

يبدو أن البشريه لا يزال أمامها الكثير.


Thursday, 21 July 2011

تأملات فى أيام الثوره – 2


أوباما و الديموقراطيه

لا أعرف على وجه الدقه ما هى أسباب حصول أوباما على جائزة نوبل و لا أعتقد أن أحدا يعرف. أوباما حصل على الجائزه بعد أقل من تسعة أشهر لتوليه منصبه و السبب الرسمى للجائزه هو "نظير مجهوداته فى تقوية الدبلوماسيه الدوليه و تعزيز التعاون بين الشعوب" و حقا لا أفهم كيف من الممكن أن يحقق شخص ذلك فى أقل من تسعة أشهر.

لا أنكر أننى ككثيرين إنبهرت بأوباما عند ظهوره على الساحه لعدة أسباب: كراهية فى بوش والحزب الجمهورى الذى أراه يمثل قمة اليمين المتطرف فى أمريكا و لا يختلف كثيرا عن الإداره الإسرائيليه العنصريه و تشجيعا للحزب الديموقراطى الأكثر ليبراليه , ذلك بالإضافه لكون أوباما أفريقى الأصل مما بدا و كأنه نبذ حقيقى و غير مسبوق لفكرة العنصريه و تحقيق فعلى لفكرة "الحلم الأمريكى".

أول صدمه فى أوباما تمثلت بالنسبه لى فى تصريحاته المتضاربه بشأن القضيه الفلسطينيه و القدس. الرجل كان ببساطه يقول للعرب شيئا و يقول عكسه تماما فى منظمة إيباك الصهيونيه بشكل يدعو للدهشه. مواقف أوباما بدت متضاربه طوال فترة رئاسته , بل إن نتنياهو أحرجه مؤخرا خلال مؤتمر صحفى عندما رفض جميع تصريحاته بشأن المستوطنات بعد دقائق من الإدلاء بها و أمام الكاميرات. و كانت الضربه القاصمه عندما رأيته يرسل فرقة كوماندوز لإغتيال بن لادن قبل شهور قليله من خوض الإنتخابات تماما مثلما فعل نظيره السابق بوش الإبن أسوأ الرؤساء الأمريكيين على الإطلاق- عندما أعدم صدام حسين فجاءه كنوع من الدعايه الإنتخابيه أيضا بعد محاكمه صوريه -تم الإستغناء عنها فى حالة بن لادن لضيق الوقت على ما يبدو. بغض النظر عن رأيي فى بن لادن و تبنى مبدأ العنف ضد المدنيين , فإنه من المؤلم أن ترى من نصب نفسه شرطيا للعالم و رافع لواء الديموقراطيه يتبنى سياسة الإغتيالات بشكل يتعارض مع جميع المبادىء التى يدعو لها.

على ما يبدو أن التحول الدائم لسياسات أوباما خلال فترة رئاسته ليس إلا لفهمه مع مرور الوقت أنه ليس إلا واجهه حضاريه و منمقه لسياسه تعتمد على مؤسسات و رؤيه لا يغيرها أفراد, و لا ننسى إنبهاره بالثوره المصريه و أسلوبه فى التفاعل معها و الذى بدا طوال الوقت موقفا شخصيا لأن التعامل الرسمى للخارجيه الأمريكيه بدا أكثر تحفظا بمراحل و يعكس القلق الطبيعى لإسرائيل من هذا التحول الإيجابى الغير متوقع بل و غير مرغوب أيضا.

السؤال الذى يطرح نفسه بالنسبة لى و نحن على أبواب مرحلة التحول الديموقراطى: هل توجد فعلا ديموقراطيه حقيقيه؟ وهل تتنتهى الديموقراطيه عند صندوق الإنتخاب؟ عندما أتأمل ممارسة الديموقراطيه حول العالم أجد أن فكرة "نحن نعرف أكثر عن مصالحكم" هى عنوان اللعبه. ربما بإستثناء دول قليله جدا تمارس الديموقراطيه المباشره دون وسيط كسويسرا, و أعتقد أننا جميعا رأينا من خلال فضلئح الويكيليكس كيف تستغفل الحكومات شعوبها.

هل الديموقراطيه فكره مثاليه أكثر مما يحتمل الواقع؟ لا أدرى حقا, أشياء كثيره جدا "تبدو جيده على الورق" كما نقول فى عالم الأعمال- و لكنها لا تكن بالضروره على ذات المستوى عند التنفيذ. ربما يكون الخطأ فى التنفيذ أو فى الأشخاص القائمون عليه و لكن ما أعرفه جيدا أن الإنسان يعيش حالة تطور دائم بحثا عن الأفضل.

نحن بقينا ثلاثون عاما فى حالة ركود تام و قد حان الوقت لنفكر و نعمل من أجل الوصول للأفضل أيضا و لكن أعتقد أنه من الأذكى أن نتعلم من أخطاء الأخرين فى تطبيق المبادئ و اللأفكار و نبدأ من حيث إنتهوا و إلا سنبقى للأبد نلهث للحاق بهم بل و نكرر ذات الأخطاء.

--

شريف فهمى

21-7-2011

Friday, 1 April 2011

تأملات فى أيام الثوره -1



لله يا جزائر


أتأمل من حولى الترقب الذى يسود الشارع المصرى و هم ينظرون للجيران الأشقاء و يتسائلون: من سيكون التالى؟ من حان دوره فى طابور الحريه. أهى ليبيا أم سوريا أم اليمن؟ أم تراها الجزائر؟


أتذكر أيام أزمتنا التافهه مع الجزائر فى العام الماضى فى أسى عندما يتنامى إلى مسامعى الآن أن بعض القيادات الرياضيه و السياسيه فى مصر إفتعلت هذه الأزمه. لا أدرى هل هذه هى الحقيقه أم لا و لكنهم فى جميع الأحوال مسئولون عن تصعيد غير عادى و شحن غير مسبوق للشارع المصرى ضد الجزائر. أذكر أيضا نغمة الشماته القويه فى كل تصريحات المسئولين الإسرائيلين عن الأزمه –هل هى صدفه بحته هذا التوافق على طول الخط بين نظامنا القديم و إسرائيل؟


كنت و لا زلت من عشاق الموسيقى بكل أصنافها. فى مكتبتى الموسيقيه جزء خاص للموسيقى النابعه من أصول فلكلوريه. تعلمت أن أحب هذا الخليط من محمد منير. و إستمتعت بالتعرف على الثقافات المختلفه من موسيقاهم. تستمع إلى الريجى و بالطبع بوب مارلى فيشدك إلى عالم جاميكا و تقرأ عن ديانة الراستافاريا و الأوضاع السياسيه لأمريكا الجنوبيه فى السبعينيات. تستمع إلى جاز و البلوز فتبحث عن مارتن لوثر كينج. الفولك روك يخلط موسيقى قبائل السلت الشماليه و أساطير الفايكينج بموسيقى الروك. عالم السمسميه الرائع جعلنى أعيش فى مدن الكنال أيام حرب الإستنزاف. إلهام المدفعى دفعنى للبحث فى تاريخ العراق و بالمثل فإن عشقى للشاب خالد و موسيقى الراى شدنى لوهران بالجزائر.


موسيقى غنيه جدا و كنز ثقافى حقيقى. الراى من الرأى و معناها أنها موسيقى لإبداء الآراء –ولهذا حاربها النظام الجزائرى و أيضا المتطرفون من الجماعات الإسلاميه مما أدى لهجرة ممارسيها لأوروبا و كان سببا لإنتشارها فى العالم أجمع. تصف لك مظاهر الحياه الإجتماعيه و التنوع الثقافى فى مدينة وهران الساحليه. يقول الشاعر عبد القادر الخالدى إبن مدينة وهران فى إحدى قصائده التى تغنى بها الكثير من مطربى الراى واصفا حبيبته "بخته" –من البخت أى النصيب: "جايه فى كاليش .. راسيه كى أمير الجيش .. الرقبه كالطورنيش .. صافيه و الوجه مرايه .. منها وليت دهيش .. ما بقات زعامه فيا". اللهجه صعبه جدا بالنسبه لنا و لكن بعد بحث طويل عرفت أن معناها هو "قادمه فى عربه (يجرها حصان) .. ثابته \ شامخه كضابط الجيش .. الرقبه كرقبة النعامه .. صافية الوجه كالمرآه .. إندهشت من جمالها .. جعلتنى مستسلم". كايش من كاريش و هى كلمه أسبانيه تعنى العربه و الطورنيش من لوتريش الفرنسيه بمعنى النعامه. القصيده طوياه جدا و تزخر بالوصف الرائع.


من أجمل ما سمعت أيضا كانت أغنية خالد التى كتبها الشاعر التونسى آدم فتحى و لحنها تونسى أيضا هو لطفى بوشناق:

لله يا جزائر يا وردة الروح

نحلم نجي يوم عطر الحب يفوح

تنام بيوت الناس مفتوحه البيبان

و علاش الحراس؟ على القلب المطمان

و نقدر من غير حشمه نغزل في عينيك

من غير ما نخاف منك و لا نخاف عليك

و نشوف على بابك الغيمة تتجلى

من حبة ترابك نلبس أحلى حله

لله.. لله.. لله يا لله


لم أستطع أن أكره الجزائر أيام الأزمه رغم حزنى الشديد على كرامة مصر و رغم كل الحشد الإعلامى وقتها. الآن و أنا أرى مصر و تونس و ليبيا و الجزائر و المغرب شركاء فى الهموم و كفاح الشعوب من أجل الحريه, لا أملك إلا أن أكون سعيدا بهذه الحاله من الوعى و التوحد ضد القهر و الأنظمه التى جعلتنا نكره بعضنا البعض من أجل بعض الدعايه الإنتخابيه