Thursday, 21 July 2011

تأملات فى أيام الثوره – 2


أوباما و الديموقراطيه

لا أعرف على وجه الدقه ما هى أسباب حصول أوباما على جائزة نوبل و لا أعتقد أن أحدا يعرف. أوباما حصل على الجائزه بعد أقل من تسعة أشهر لتوليه منصبه و السبب الرسمى للجائزه هو "نظير مجهوداته فى تقوية الدبلوماسيه الدوليه و تعزيز التعاون بين الشعوب" و حقا لا أفهم كيف من الممكن أن يحقق شخص ذلك فى أقل من تسعة أشهر.

لا أنكر أننى ككثيرين إنبهرت بأوباما عند ظهوره على الساحه لعدة أسباب: كراهية فى بوش والحزب الجمهورى الذى أراه يمثل قمة اليمين المتطرف فى أمريكا و لا يختلف كثيرا عن الإداره الإسرائيليه العنصريه و تشجيعا للحزب الديموقراطى الأكثر ليبراليه , ذلك بالإضافه لكون أوباما أفريقى الأصل مما بدا و كأنه نبذ حقيقى و غير مسبوق لفكرة العنصريه و تحقيق فعلى لفكرة "الحلم الأمريكى".

أول صدمه فى أوباما تمثلت بالنسبه لى فى تصريحاته المتضاربه بشأن القضيه الفلسطينيه و القدس. الرجل كان ببساطه يقول للعرب شيئا و يقول عكسه تماما فى منظمة إيباك الصهيونيه بشكل يدعو للدهشه. مواقف أوباما بدت متضاربه طوال فترة رئاسته , بل إن نتنياهو أحرجه مؤخرا خلال مؤتمر صحفى عندما رفض جميع تصريحاته بشأن المستوطنات بعد دقائق من الإدلاء بها و أمام الكاميرات. و كانت الضربه القاصمه عندما رأيته يرسل فرقة كوماندوز لإغتيال بن لادن قبل شهور قليله من خوض الإنتخابات تماما مثلما فعل نظيره السابق بوش الإبن أسوأ الرؤساء الأمريكيين على الإطلاق- عندما أعدم صدام حسين فجاءه كنوع من الدعايه الإنتخابيه أيضا بعد محاكمه صوريه -تم الإستغناء عنها فى حالة بن لادن لضيق الوقت على ما يبدو. بغض النظر عن رأيي فى بن لادن و تبنى مبدأ العنف ضد المدنيين , فإنه من المؤلم أن ترى من نصب نفسه شرطيا للعالم و رافع لواء الديموقراطيه يتبنى سياسة الإغتيالات بشكل يتعارض مع جميع المبادىء التى يدعو لها.

على ما يبدو أن التحول الدائم لسياسات أوباما خلال فترة رئاسته ليس إلا لفهمه مع مرور الوقت أنه ليس إلا واجهه حضاريه و منمقه لسياسه تعتمد على مؤسسات و رؤيه لا يغيرها أفراد, و لا ننسى إنبهاره بالثوره المصريه و أسلوبه فى التفاعل معها و الذى بدا طوال الوقت موقفا شخصيا لأن التعامل الرسمى للخارجيه الأمريكيه بدا أكثر تحفظا بمراحل و يعكس القلق الطبيعى لإسرائيل من هذا التحول الإيجابى الغير متوقع بل و غير مرغوب أيضا.

السؤال الذى يطرح نفسه بالنسبة لى و نحن على أبواب مرحلة التحول الديموقراطى: هل توجد فعلا ديموقراطيه حقيقيه؟ وهل تتنتهى الديموقراطيه عند صندوق الإنتخاب؟ عندما أتأمل ممارسة الديموقراطيه حول العالم أجد أن فكرة "نحن نعرف أكثر عن مصالحكم" هى عنوان اللعبه. ربما بإستثناء دول قليله جدا تمارس الديموقراطيه المباشره دون وسيط كسويسرا, و أعتقد أننا جميعا رأينا من خلال فضلئح الويكيليكس كيف تستغفل الحكومات شعوبها.

هل الديموقراطيه فكره مثاليه أكثر مما يحتمل الواقع؟ لا أدرى حقا, أشياء كثيره جدا "تبدو جيده على الورق" كما نقول فى عالم الأعمال- و لكنها لا تكن بالضروره على ذات المستوى عند التنفيذ. ربما يكون الخطأ فى التنفيذ أو فى الأشخاص القائمون عليه و لكن ما أعرفه جيدا أن الإنسان يعيش حالة تطور دائم بحثا عن الأفضل.

نحن بقينا ثلاثون عاما فى حالة ركود تام و قد حان الوقت لنفكر و نعمل من أجل الوصول للأفضل أيضا و لكن أعتقد أنه من الأذكى أن نتعلم من أخطاء الأخرين فى تطبيق المبادئ و اللأفكار و نبدأ من حيث إنتهوا و إلا سنبقى للأبد نلهث للحاق بهم بل و نكرر ذات الأخطاء.

--

شريف فهمى

21-7-2011